حكاية البنت الأولى
النهارده عايزه تكون لوحدها ..
فيه أيام بتهرب فيها من نفسها , و فيه ايام بتبقى عايزه تهرب فيها مع اي حد حتى لو كانت عارفه انه مش هو ده اللي عاوزاه
بس النهارده عاوزه تكون لوحدها !
امبارح كان يوم دراما .. كان فيه دموع كتير ,دموع كده من غير سبب و حلم غريب طل عليها من عدم قلب كيانها كله , خلاها
تحس ان حياتها دي مش حياتها و هي جواها جزيره كده معزوله محدش غيره عرف يوصللها مع انه مش معاها .. مع انه اناني
.. مع انه بعيد عن طبعها بس قريب لروحها ..
روحها و روحه بيعملوا دايره مغلقه , محدش غيرهم بيقدر يدخلها . بس محدش بيعيش في الدنيا بروحه بس , الارواح دي بتاعة الاخره لكن الدنيا بتاعة واحد وواحد يساوي اتنين مهما كانت الحسبه فضفاضه .
قفلت الموبايل ! و خرجت و هي كده اختفت عن اي حد يسأل عنها .. طب هو في حد بيسأل؟ أيوه فيه ..ده وجع قلب ..فيه ناس
بتسأل عليها بس هي نفسها النهارده تكون منسيه .. تقعد مع نفسها و معاه في أفكارها .
تروح فين؟ النيل؟ لأ ! واسع اوي و هي عاوزه حدود حواليها .. حاجه كده تقفلها عليها ..
راحت لمكان بتاعها لوحدها .. مش عاوزه حد يعرفه غيرها , و افتكرت كلام امبارح , ياااه .. كان كتير و كان لذبذ و عيطت منه كتير
و صحيت عينيها مورمة وواجعاها .. بس جواها فاضي كده كأنه كان بحر و نشف ..
امبارح ده كان لازم يحصل .. البخار لما يملا مكان لازم ينفس عن نفسه قبل ما ينفجر .. و هو اللي بدأ .. هو اللي سأل ..
هو اللي نكش في كل اللي كانت قافله عليه جواها ... هو كان عنده فضول مش اكتر , حاسس انها بتتسرب و عاوز يعرف الأسباب ..
هو بيحبها؟ يمكن كان بيحبها ..
الرجاله غير الستات !
هي عارفه كده كويس , الراجل بينسى بسرعه , حياته بتاخده و عقله بيحميه من أي تقلبات .. لكن الست بخار و موج و رياح
مش بتهدى .. داخلها يموج و داخله يخبو .. هي دي طبيعة الستات و الرجاله ..
و هو راجل . بس راجل بتحبه و ساعات بتكرهه , بس هي عارفه انه طول ما بتكرهه هي بتحبه .. الكره هو العمله التانيه للحب .
طب و بعدين؟
عارفه انه مفيش و بعدين .. ما بعد البحر سوى المدى .. هي وصلت للمكان ده بعد كتير أوي , و تعبت!
بس الراحه لها تمن و هي مش حمل تمن الراحه ..
بيقولها يا ريتنا .. طب ليه يا ريتنا؟ ما احنا كنا فيها . بس هي ما قالتلوش حاجه , مش عايزه ترجع لورا .. مش هو بس اللي
مش عاوز يرجع لورا ..
زمان و هي صغيره كانت بتحب تمشي مطرح ما رجلها تاخدها , مش واخده بالها من الاتجاهات , بس جواها يقين انها هتعرف
ترجع ... عاوزه بس تتفرج عالاماكن و الناس .. و كانوا يدوروا عليها لحد ما يلاقوها و محدش يصدق انها عارفه هترجع ازاي ..
بس هي كانت عارفه هترجع ازاي .. هي بس عاوزه تتفرج و تبعد .. الطبع المغامر اللي مش بيفهمه غير صاحبه , لانه بياخده
ساعات لاماكن بعيده عن المنطق و الحدود , الناس مش بتفهم كده , المغامر بس هو اللي بيعرف انه كده بيتنفس و يعيش ..
و هو كان معاها .. هو كان الجناح اللي شايلها لكل مكان و هو برضه كان الجناح اللي بتستخبى تحته لما تعصف بيها الرياح.
بس ده خلص خلاص .. هو مش جناحها , و قعدت كتير كتير لحد ما طلعلها جناح و بقت هي اللي تطير , بس برضه جناحها
فيه حته مكسوره هو بس اللي بيكملها .. و كرهت ضعفها و كرهت انانيته ..
الدنيا بتكون سهله أوي و احنا صغيرين , و لما بنكبر بتتعقد .. لأ.. مش الدنيا هي اللي بتتعقد , احنا اللي بنتعقد من جوه ,
بنبقى ناس تانيين , كل حاجه بتبقى معقده و لها تأويلات و تفسيرات و معاني كبيره فارغه بس موجوده .. مع ان الاصل في كل
شيء هو البساطه .
بتشرب كباية الشاي , مالوش طعم , بس هي قررت تشربه عشان كان نفسها فيه من الصبح .. وواحد هناك بيبصلها , بيبحلق فيها , هي بقت واخده على كده , و بقت متعوده تتجاهل ,كأنها مش هي و كأنها مش هنا .
امتى اكتشفت انها انسانه لها طبيعه خاصه و بوهيميه؟ و محتاجه لآفاق جديده كل شويه؟ مش من كتير , بس ده دفعت تمنه كتير
كان بيسألها طب احنا ليه اتقابلنا؟ هي قالتله عشان نكبر و نعرف نفسنا اكتر و ندفع التمن ..
هو قال: بس ده تمن غالي أوي .. طب تقوللو ايه؟ هي كمان معندهاش كل الاجابات .. يمكن عشان برضه اللي احنا خدناه كان كتير أوي , يمكن كان جميل أوي و دي الدنيا مش الجنه يعني .. بس ماتكلمتش , اختارت الصمت , هو برضه دماغه مريحاه .
البيتزا دي تقريبا مش طازه او بايظه شويه , مش مهم , امال جهاز المناعه بتاعها ده فايدته ايه؟ مش هيحصلها حاجه ..
هي حاسه ان كل حاجه مش مهمه في اللحظه دي , دي اللحظه اللي عندها كله بيتساوى هي مع المكان مع الزمان مع الحدث , كله بيدوب في لحظه , و مش عاوزه تعرف الساعه كام!
و الراجل اياه اللي كان بيبحلق فيها رجع يحوم حواليها .. و هي مش طايقه حتى تبصله , الرجاله مش بيفهموا ان الستات عندهم
رادار اتجاهات , مش ضروري يبصوا عشان يفهموا , هما بيعرفوا من غير نظرات , بيحسوا , الاحساس اللي هو عند الراجل
يعتبر معجزه من المعجزات ..
و تاني فكرت .. الرجاله دماغها مريحاها ..
و فتحت الموبايل , انتهى وقت العزله ! هي خلاص قررت ترجع للحياه الاعتياديه بس برضه بطريقتها هي ....
هدنه كده !